Morocco
This article was added by the user . TheWorldNews is not responsible for the content of the platform.

ورقة بحثية تقارب تحوّلات علاقة الولاة برؤساء الجهات بعد "دستور 2011"

ورقة بحثية تقارب تحوّلات علاقة الولاة برؤساء الجهات بعد "دستور 2011"
صورة: و.م.ع
هسبريس - يوسف يعكوبي

ورقةُ سياسات جديدة تبحث في تحولات علاقة الولاة برؤساء الجهات بعد عام 2011، الذي شكّل انعطافة دستورية حاسمة في مسار التطوُّر التاريخي للدساتير بالمملكة، ليشهَد بَعدَهُ التدبير الجهوي بالمغرب قفزة نوعية ارتقتْ بموقع الجهات في التنظيم الترابي باعتبارها هيئات لامركزية تتبوأ دوراً قياديا في تحفيز الاستثمار وتنشيط التنمية الجهوية، في حين تم تمتيعها بـ”آليات جديدة تتساوق مع الرهانات المتوخاة من مشروع الجهوية المتقدمة”.

وسَجّلت الورقة البحثية التي أنجزها عبد الرفيع زعنون، الباحث في القانون العام والعلوم السياسية، ونشرَها المعهد المغربي لتحليل السياسات (MIPA)، تحت عنوان “تدبيرٌ جهوي برأسَيْن: تحولات العلاقة بين الولاة ورؤساء الجهات بعد 2011″، أن الدستور المغربي أفرز “توسيع مجالات تدخُّل ولاة الجهات، مع مَنحهم سلطات تقريرية واسعة تجعلهم يستأثرون بالقرار الجهوي”، الأمر الذي قد يشكل، حسب مؤلِّفِ الورقة، “منفذًا لتكريس تدبير جهوي تقنوقراطي مَنزوع “الدَّسم السياسي””.

وأضافت الورقة في مقدّمتها أنه، “وللوهلة الأولى، يَظهَر أن منح الوالي سلطات واسعة وآليات غير مُقيَّدة هو عامل مساعد في تنسيق السياسات العمومية الترابية، إلّا أن نظرة معمَّقة تبرز أن الدور التدخُلي للولاة له أيضا آثار سلبية على التدبير الجهوي، لاسِيَما على مسار الديمقراطية الترابية، من خلال النزع العملي لصلاحيات المؤسسات المنتخبة وإفراغها من وظائفها”.

ورصد زعنون، ضمن الورقة ذاتها، أن تعدُّد السلطات التي يتمتع بها الولاة له تداعيات على مسار الحكامة الترابية، في ظل محدودية إعمال متطلبات التشارُك والشفافية في تدبير الشؤون الجهوية، لافتاً الانتباه إلى أن “ضُعف الانضباط لمقومات الحكامة الجيدة كان له تأثير سلبي على مؤشرات التنمية المندمجة، نتاج عوامل شتى، لعل أبرزها تكريس ازدواجية البرامج بين الولاية والجهة داخل الحيز الترابي نفسه”.

ويَرجع تنامي المكانة التنفيذية لـوُلاة الجهات، حسب الباحث الذي صدرت له دراسة مقارنة عن “تدبير التنمية الترابية بالمغرب”، إلى عوامل تشريعية وعَملية “سمحت بإعادة إنتاج النزعة المركزية على الصعيد الترابي وبتحوّل الولاة إلى حُكّام محليين “أوصياء” على رؤساء المجالس الجهوية”، وفق الورقة، التي خلُصت إلى أن “تحقيق التوازن بين سلطات الولاة ورؤساء الجهات لا يحتاج فقط إلى تدقيق الصلاحيات، بل يتوقف، كذلك، على توفير شروط سياسية وتدبيرية تعيد التوازن بين المؤسستيْن وترسم مُمكنات التكامل بينهما في قيادة التنمية الجهوية”.

وتوقّف كاتب الورقة البحثية عند تحليل الجذور والمسارات التي سَلكتها “ازدواجية التدبير الجهوي بالمغرب”، مورداً في هذا السياق قوانين وظهائر أطّرت عمل مجالس الجهات منذ ظهير يونيو 1971، وصولاً إلى الميثاق الوطني للاتمركز الإداري الصادر عام 2018، مروراً بمشروع الجهوية المتقدمة كـ”مرجعية مُلهِمة لبلورة صيغة مغربية للتنظيم الجهوي”، دون إغفال القانون التنظيمي للجهات عام 2015.

وعلى ضوء الممارسة العملية، أبرز زعنون أن “موازين القوى تميل لصالح الولاة، بفعل امتلاكهم أدوات تدخل استثنائية تجعلهم يحتكرون تدبير معظم الشؤون الجهوية؛ وبفضل تركيز عدة سلطات بين أيديهم، كالتمثيل والتنسيق والمراقبة، علاوة على اكتسابهم خبرات استثنائية تمكنهم من لعب أدوار مهيمنة”، مفسراً ذلك بكون التحسن التدريجي في قدرات وكفاءات رؤساء المجالس الجهوية لم يسمح لهم بأن تكون خبرتهم تُجاري تلك التي يمتلكها الولاة، في ظل مسار اعتبره الباحث ما فتئ “يتعزز في ظل هيمنة المعايير “التكنوقراطية” في اختيار الولاة والعمال”.

وخَلُص تحليل الباحث إلى تِعداد العديد من السلطات التي يُراكِمُها الولاة ضمن اختصاصاتهم القانونية، من سلطة تمثيل رمزية “تجعلهم عملياً ممثلين للملك بالتراب الجهوي”، ثم سلطة الولوج بشكل سريع ودائم إلى مواقع اتخاذ القرار، بما يمكّنهم من تعبئة الموارد وعقد الشراكات المطلوبة لإنجاز المشاريع، ما يمنحهم “قوة اعتبارية في مواجهة باقي الفاعلين الترابيين”، فضلا عن سلطة مساعدة الولاة لمجالس الجهات في وضع وتتبع وتقييم مشاريع التنمية الجهوية والسياسات الترابية.

وكان من أبرز خلاصات الباحث أن الممارسات التي تلَتْ تفعيل مشروع الجهوية المتقدمة “لم تُفلح في تجسيد صدارة الجهة، التي لم تتحول بعد إلى بنية وسيطة بين الدولة وباقي الجماعات، ولم تمارس بعد دورها كرائد للتنمية ضمن حيزها الترابي”، مؤكدة في المقابل أن السلطة التنسيقية للولاة أصبحت أكثر رسوخاً بفضل الآليات والبنيات المتاحة أمامهم، إلى الحد الذي يتحول فيه بعض الولاة إلى ما يشبه “رؤساء حكومات جهوية”، وخاصة في المجالات ذات الأولوية كالاستثمار والتعمير والسكن والتنمية الاجتماعية والتأهيل الحضري؛ وهو ما يعني في منظور زعنون أن “السلطة المركزية تستعيد عبر صدارة الجهة أهم الاختصاصات المخولة للجماعات الترابية المتعلقة بقيادة التنمية على الصعيد الترابي”.

وختم زعنون تحليله بالقول إن الحصيلة الأولية لتنزيل ورش الجهوية المتقدمة تُؤشّر على دور ريادي للولاة في تنشيط التنمية الجهوية، مقابل خفوت الدور التدبيري لرؤساء المجالس الجهوية، وهي مفارقة بحسب الباحث “يمكن تقبُّلها على اعتبار فترة 2015-2021 تتعلق بولاية “تأسيسية” خُصِّصت لوضع الأطر التشريعية والتنظيمية، مستدركاً بأنه “من زاوية الرهان السياسي، فالمؤشرات الأولية للولاية الثانية للجهوية المتقدمة 2021-2027 توحي بتعميق التدبير الموازي (ِcogestion)، في ظل استحواذ الولاة على مفاصل القرار الجهوي”.

التدبير الجهوي التنمية الجهوية الولاة رؤساء الجهات
تابعوا آخر الأخبار من هسبريس على Google News

النشرة الإخبارية

اشترك الآن في النشرة البريدية لجريدة هسبريس، لتصلك آخر الأخبار يوميا