Morocco
This article was added by the user . TheWorldNews is not responsible for the content of the platform.

تيلوكيت تتطلع إلى الالتحاق بركاب التنمية

ما تزال العديد من القرى الجبلية في أزيلال تعيش العزلة والتهميش، ما بات يفرض على شبابها الهجرة مبكرا للبحث عن العمل بعيدا عن مقرات سكناهم، حاملين معهم حلمهم الموؤود في تحقيق تنمية مستدامة.

ضمن هذه القرى، تيلوكيت التي تكابد العشرات من الأسر فيها وجع الفقر والمعاناة، ويسائل فيها واقع الحال الهش المجالس المتعاقبة على تدبير الشأن العام عن مدى نجاعة البرامج التنموية بالعالم القروي ومدى تأثيرها على حياة الساكنة التي لا تزال تتطلع إلى مبادرات تنموية حقيقية.

تتشكل الجماعة الترابية تيلوكيت من 19 دوارا، إلى جانب تيلوكيت المركز، بتعداد سكاني يتجاوز 11 ألف نسمة، وهي جماعة تتسم عموما بالهشاشة وضعف المداخيل، وتعتمد على بعض الزراعات المعاشية كالتفاح والزيتون والجوز واللوز والتين، وعلى تربية المواشي، وتراهن كثيرا على قطاع السياحة الجبلية.

في تصريح لهسبريس، أفاد إبراهيم أموجان، أربعيني من أسرة عريقة بهذه الجماعة، بأن ساكنة تيلوكيت تعيش على الزراعة وتربية الماشية في غياب مشاريع استثمارية تكفل للشباب فرص العمل، ما يدفعهم إلى الهجرة نحو المدن الاقتصادية، خاصة الدار البيضاء ومراكش وطنجة، إلى جانب باقي المدن السفلى.

وفي تيلوكيت التي “أنجبت كفاءات في جميع الميادين، يضطر الشباب إلى ترك أهاليهم ومقرات سكناهم لمتابعة دراستهم أو للبحث عن شغل يضمن لأبنائهم العيش خارج دائرة الفقر، خاصة في السنوات الأخيرة، حيث عمّق الجفاف من محنة سكان المنطقة”، يورد المتحدث.

وفي حديثه لهسبريس، قال أموجان: “على الرغم من استفادة مركز تيلوكيت من مئات الملايين في إطار برنامج تأهيل المراكز القروية ناقصة التجهيز، إلا أن بنيته التحتية لا تزال تشكو من خصاص بيّن على مستوى الأزقة والطرق وسواقي مياه الري، وفي مرافق الصحة ودور المرأة والفتاة، رغم الجهود المبذولة في السنوات الأخيرة من طرف السلطات الإقليمية بالأخص”.

وأضاف أن “الوضع بمركز تيلوكيت أفضل بكثير من دواوير الجماعة الترابية التي تعاني من العزلة القاتلة، بحيث لا تزال ساكنتها تتطلع إلى ربطها بالطرق المبنية للاستفادة من خدمات ما تحقق على مستوى المركز، خاصة في مجال الصحة والخدمات الإدارية والتربوية”.

وتابع بأن معظم الدواوير بالجماعة تعاني من العزلة والعطش (آيت زروال، آيت علي أوعبد الله، آيت علي أويوسف، وآيت يعقوب…)، وسكانها يضطرون يوميا لقطع مسافة قد تصل إلى 10 كيلومترات ذهابا وإيابا على الدواب في المسالك الوعرة من أجل الوصول إلى مركز تيلوكيت، خاصة سكان دوار آيت إيدير الذي يبعد عن المركز بحوالي 15 كيلومترا.

بدوره، أكد الحسن بويسعدان أن قرى تيلوكيت تعاني من الكثير من المشاكل، خاصة النقص الحاصل في مياه الشرب والسقي، داعيا ما وصفها بـ”الجهات المسؤولة” إلى الإسراع في حفر الآبار بالقرب من التجمعات السكنية لتفادي أزمة حقيقية تنذر بموت المزروعات، ما قد يؤدي إلى هجرة جماعية.

وذكر بويسعدان أنه في ظل الأزمة التي تمر منها المنطقة، جراء الجفاف وتضرر الزراعات المعيشية، لم يعد قادرا على توفير تكاليف عيش أسرته، مؤكدا أنه خلال شهر مايو الأخير لم يتجاوز دخله 50 درهما، شأنه شأن أغلب الأسر التي تعول على أبنائها العاملين بالضيعات الفلاحية بالمغرب النافع لاقتناء الدقيق وباقي المواد الأساسية.

وأبرز مواطنون من المنطقة، في تصريحات لهسبريس، أن كل البرامج التي قدمتها المجالس الجماعية السابقة تبقى “ضعيفة الأثر” على الساكنة، بالنظر إلى حجم الخصاص ولأنها غالبا ما تأتي في شكل مشاريع استعجالية تروم تخفيف العبء وليس رفعه بشكل نهائي، ناهيك عما يرافقها من ضعف على مستوى البناء، لافتين إلى أن مداخيل الجماعة جد ضعيفة؛ إذ لا تتجاوز 300 مليون سنتيم، حوالي 80 في المائة منها تصرف أجورا للموظفين.

وأوضحوا أنه في هذه القرى يصعب على الأجيال الصاعدة القبول بهذا التهميش والإقصاء في الألفية الثالثة، في الوقت الذي تنعم فيه ساكنة المدن بالمشاريع الترفيهية، وليس بما يضمن العيش تحت سقف الفقر، مرجحين أن يكون التلاعب في الصفقات وعدم احترام دفاتر التحملات من ضمن الأسباب الكامنة وراء فشل بعض المشاريع التنموية بالمنطقة.

وفي معرض تصريحها لهسبريس، قالت رقية اخنافور، المرأة الجبلية التي ولجت عالم السياسة كمستشارة جماعية، إن “الهشاشة لا تقتصر على قرى أزيلال فقط، وإنما تمتد إلى باقي المناطق القروية”، مشيرة إلى أن “الطابع الجبلي وتضاريس المنطقة وضعف الموارد المالية للجماعات وإمكانياتها المحدودة، عوامل تجعل هذه القرى الموجودة في جبال الأطلس تتأثر أكثر من تداعيات الأزمات”.

وأشارت رقية، عضو مجلس جهة بني ملال خنيفرة للولاية الثانية، إلى أن سلطات أزيلال تسهر بتنسيق مع باقي المتدخلين في التنمية المحلية، وخاصة المجالس الجماعية والإقليمية ومجلس الجهة، على تنفيذ العديد من البرامج التي تحارب الفقر والهشاشة وتفك العزلة وتحقق دخلا للمرأة والفتاة والشباب، مؤكدة أن واقع الحال بهذه القرى “تغير بشكل كبير في العقد الأخير”.

وشددت المتحدثة ذاتها، التي دأبت على الترافع عن قضايا ساكنة الجبل، على أن “جميع دواوير الجماعة استفادت من فك العزلة على مستوى الطرق، فيما يبقى مشكل شح المياه مطروحا، ليس بسبب غياب الآبار وإنما بسبب تراجع الفرشة المائية”، مشيرة إلى أن تنسيقا يجري حاليا بشأن هذا الموضوع بين السلطات الإقليمية والمجالس المنتخبة من شأنه أن يخفف من أزمة الماء في القريب العاجل.

وأضافت أن ما يزيد من صعوبة تنفيذ المشاريع، خاصة ما يتعلق منها بملاعب القرب ودُور المرأة والفتاة والمرافق الشبابية، هو “غياب الوعاء العقاري بتراب الجماعة”، لافتة إلى أنه “تمت برمجة ملعبين رياضيين؛ واحد للقرب والثاني من الحجم الكبير على الرغم من عائق العقار الذي حال أيضا دون إحداث مطرح للنفايات”.

وتبعا لرقية، يرتقب أن تستفيد الجماعة الترابية تيلوكيت من مشروع الإنارة العمومية، وبرامج تخص التبليط وتأهيل الأحياء ناقصة التجهيز، من ضمنها السوق الأسبوعي، فضلا عن مشروع مدرسة للرياضات المائية ودار للأمومة، ومشاريع أخرى لتسويق وتثمين السياحة المحلية لفائدة الشباب.

ومن أكبر المشاريع التنموية التي تمت برمجتها وسيكون لها وقع كبير على المنطقة ككل، مشروع إعادة توسيع وتقوية الطريق الجهوية 302 الرابطة بين واويزغت وتيلوكيت على مسافة 38 كلم وبين هذه الأخيرة وزاوية أحنصال على مسافة 24 كلم، وهو “المشروع الحلم” الذي ظل يراود المستشارة الجماعية منذ ولوجها إلى مجلس الجهة سنة 2015، إلى درجة أنها أصبحت تُنعت في اللقاءات بـ”المستشارة 302″.

جديرة بالإشارة إلى أن مركز جماعة تيلوكيت استفاد من مشروع تنموي مهم، جرى تمويله من مجلس الجهة والمجلس الإقليمي لأزيلال، يروم تأهيل المركز ويندرج في إطار البرنامج الجهوي لتأهيل المراكز القروية بغية تحسين شروط الاستقرار للساكنة المحلية والتأهيل العمراني للمناطق ناقصة التجهيز، فضلا عن الرفع من مستويات التنمية المجالية بالجماعة، والمساهمة في التنمية السوسيو-اقتصادية.