Morocco
This article was added by the user . TheWorldNews is not responsible for the content of the platform.

سعيد أوبرايم.. مصور فوتوغرافي يسافر من "سفوح آيت باها" إلى قمم الهمالايا

سعيد أوبرايم.. مصور فوتوغرافي يسافر من "سفوح آيت باها" إلى قمم الهمالايا
صور: هسبريس
هسبريس - رشيد بيجيكن

من جبال الأطلس الصغير، وبالضبط من آيت باها، حيث مسقط رأسه سنة 1957، انتقل سعيد أوبرايم إلى مدينتي أكادير وإنزكان، منذ ستينيات القرن الماضي، وكان الدافع وراء مغادرة بلدته الأصلية هو إصرار أسرته على متابعة تعليم أبنائها، فضلا عن ظروف عمل والده، فحصل على شهادة البكالوريا من ثانوية عبد الله بن ياسين بإنزكان سنة 1980، والتحق بعدها بمدينة مراكش، حيث حصل على دبلوم من مدرسة لتكوين الأساتذة، ما أهله ليصير أستاذا لمادة علوم الحياة والأرض، ليرجع بعد ذلك للعمل في نواحي أكادير، قبل أن يلتحق مجددا بإحدى ثانوياتها.

سعيد أوبرايم، المصور الفوتوغرافي الذي ربط علاقة عشق أبدي مع آلة التصوير منذ الصغر، غادر أسوار المؤسسات التعليمية كمدرس لمادة علوم الحياة والأرض، ليختار التقاعد النسبي سنة 2014؛ وذلك من أجل التفرغ لهوايته في مجال التصوير، وقال لهسبريس عن بداياته في المجال: “ترعرعت في فضاء غابت عنه الصور، خاصة في بلدتي، باستثناء بعض الصور لجدي في فرنسا، تعود إلى عشرينيات القرن الماضي، وهي بالأبيض والأسود، تأثرت بها قليلا”.

وعن بدايات نسجه علاقة حب حقيقية وارتباطا وثيقا مع آلة التصوير، فقد كانت إبان دراساته الجامعية بمدينة مراكش.. ويقول عنها سعيد أوبرايم: “إن بوادر هذا التعلق بدأت عندما كنت طالبا لدى أستاذ فرنسي لمادة البيولوجيا الحيوانية بمراكش، وكان أيضا فوتوغرافيا ومحبا للأسفار، فهو الذي نقل إلي هذا العشق؛ ومما زاد من ذلك التأثر أنني قمت وإياه بأسفار إلى الجنوب المغربي، حيث بدأت أمارس. وبطبيعة الحال، أول أجرة تقاضيتها بعد تخرجي خصصتها لاقتناء آلة للتصوير، وحينها، أي تقريبا سنة 1983، ولجت هذا الميدان بشكل عملي”.

الصورة يعتبرها أوبرايم وسيلة تعبيرية كغيرها من الأجناس الفنية الأخرى، وزاد: “التصوير جزء مني، ووجدت أنه الوسيلة الأقرب إلي، وهو نافذة على العالم، فعندما أصور فإني لا أرى أمامي، بل أرى عوالم أخرى؛ فالتصوير يساعدني في الاكتشاف والاستكشاف، وما أحس به يوجد داخل الصورة. وليست صورة عادية بالنسبة لي، بل هي مليئة بمجموعة من الإحساسات والرسائل، فوجدت نفسي، في وقت ما، غير قادر على طلاق هذه الآلة”، مردفا: “كان هذا الميدان جنينيا بالمغرب، والممارسون يعدون على رؤوس الأصابع، وأسسنا أول جمعية مغربية للفن الفوتوغرافي سنة 1988”.

وبديهي أن عاشق التصوير يلازمه السفر، لكن هل السفر من أجل الصورة أو الصورة من أجل السفر؟ هي معادلة جدلية لا يستطيع أوبرايم فك لغزها، موردا: “هذا سؤال لم أستطع إلى اليوم الإجابة عنه، هل أسافر كي أصور أم إن السفر هو الذي يدفعني للتصوير؟ وفعلا، فمنذ صغري، كنت مولعا بالسفر، ولم أحاول الخروج من المغرب إلا بعد ما تجولت به طولا وعرضا وبوسائل عادية، كـ’أوطوسطوب’، والمشي وغيره، لكن السفر كان مصحوبا بآلة التصوير”.

وارتباطا دائما بالصورة والسفر، شكل السفر إلى جبال الهمالايا من طرف سعيد أوبرايم أبرز المحطات في حياته، وهنا الصورة هي التي دفعته، وعن هذا قال: “فكرة السفر إلى أعالي جبال الهمالايا، وبالضبط إلى منطقة التبت، بدأت عندما كنت أزور باستمرار منطقة إملشيل، التي مازال لدي ارتباط خاص بساكنتها إلى اليوم، وشاهدت فيلما وثائقيا على قناة فرنسية، فأثارت انتباهي وجوه السكان، ودار في خلدي أنهم قد يكونون أمازيغ تماما كساكنة إملشيل، لكن تأكدت أنهم من التبت، فشرعت في البحث عن تموقع هذه المنطقة على الكرة الأرضية، ففكرت في أوجه هذا التشابه، وحينها قررت السفر. مررت من الصين والحدود مع فيتنام ولاوس ثم التبت، التي كان الدخول إليها صعبا جدا، ولكني تمكنت في الأخير، ومنها إلى نيبال والهند وتركيا، حتى رجعت إلى المغرب بعد 45 يوما، سنة 2010، وصورت 63 ألف صورة من هذا السفر”.

“الحديث عن هذا السفر طويل جدا، فقد أقمت معرضا سميته ‘كأس شاي بالتبت’ وألفت كتابا حوله، وكانت تجربة مهمة وغنية جدا، لأنني كنت أبحث عن أوجه التشابه وأوجه الاختلاف بين سكان إملشيل والتبت، إلا أنني كلما بحثت عن الاختلاف أجد التشابه، في الملامح وفي الموسيقى وفي الأطباق وغير ذلك”، يقول الفوتوغرافي ذاته.

وعن الكتاب الذي ألفه، والمعنون كذلك بـ”كأس شاي بالتبت”، قال أوبرايم: “مع الأسف، في المغرب، لم يهتم به أحد، ولم يحظ بما أتمناه في وطننا العزيز، ربما لأن أدب السفر غائب، وقد نال حيزا من اهتمام أساتذة جامعيين في فرنسا، ويمكن ربطه بالوضع الثقافي العام بالمغرب، الذي تكاد تنعدم فيه ثقافة القراءة، وأنا بصدد إصدار كتاب ثان حول آخر جيل من الرحل بإملشيل.. على الأقل ستبقى هذه الكتب بصمة في الخزانة المغربية، ستقرأ يوما ما”.

وتابع المتحدث ذاته: “حولت الطابق السفلي لمنزلي إلى متحف صغير مفتوح للجميع، وذلك إيمانا مني بأهمية إيصال ثقافة الصورة إلى المتلقي ومحاربة الأمية البصرية وترسيخ النظرة الجمالية والفنية.. متحف فردي شخصي مفتوح وحر، يزوره طلبة وزوار من الخارج وباحثون، وفي جانب آخر ألبي دعوة المدارس والجمعيات والمؤسسات لتأطير تكوينات في هذا المجال بمختلف مناطق المغرب، إذ إن الصورة اليوم تفرض نفسها، باعتبار سرعة تأثيرها على المتلقي؛ لذلك لا بد من التكوين المتواصل في هذا المجال”.

التطور الرقمي والإلكتروني لا يعتبره سعيد أوبرايم تهديدا للصورة، موردا: “ربما هذا وجه آخر يبدأ بإيجابياته وسلبياته، لكن تبقى الصورة وآلة التصوير ذات مميزات وخصوصيات، وقد يحل الهاتف محل آلة التصوير، لكن هذا لا يمنع المصور في الاستمرار في إبداعه؛ تطور تستفيد منه الصورة، شريطة حسن استعماله وتوظيفه”، وختم حديثه لهسبريس بالقول: “نحن في حاجة إلى محاربة الأمية البصرية وتطوير نظرتنا الجمالية والفنية، فنحن بحاجة إلى عين ترى بجمالية وتربية عيوننا على رؤية ما هو جميل. ومؤسف أن يقضي الإنسان سنوات بمختلف أسلاك التعليم دون أن يتلقى تكوينا أو دروسا حول الصورة”.

التصوير الفوتوغراف سعيد أوبرايم
تابعوا آخر الأخبار من هسبريس على Google News

النشرة الإخبارية

اشترك الآن في النشرة البريدية لجريدة هسبريس، لتصلك آخر الأخبار يوميا